للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجارية خلقت وحدها ... كأنّ النساء لديها خدم

فلمّا رأيت الهوى قاتلي ... ولست بجار ولا بابن عم

(٦٦) دسست إليها أبا مجلز ... وأيّ فتى إن أصاب اعتزم

فما زال حتّى أنابت له ... فراح وحلّ لنا ما حرم

فقال له رجل من أصحابه: ومن أبو مجلز هذا يا أبا معاذ؟ قال: وما حاجتك إليه؟ ألك عنده دين تطالبه؟ هو رجل يتردّد بيني وبين معارفي في رسائلي. قال: وكان كثيرا ما يحشو شعره بمثل هذه الأشباه.

وعن حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال: كانت بالبصرة قينة لبعض ولد سليمان بن عليّ، وكانت محسنة بارعة الظرف، وكان بشّار صديقا لسيّدها ومدّاحا له، فحضر مجلسه يوما والجارية تغنّي فسرّ بحضوره فشرب حتّى سكر ونام ونهض الناس ونهض بشّار فقالت له الجارية: يا أبا معاذ! أحبّ أن تذكر يومنا هذا في قصيدة ولا تذكر فيها اسمي ولا اسم سيّدي، وتكتب بها إليه.

فانصرف وكتب إليه (من البسيط):

وذات دلّ كأنّ البدر صورتها ... باتت تغنّى عميد القلب سكرانا:

«إنّ العيون التي في طرفها حور ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

يصرعن ذا اللبّ حتّى لا حراك به ... وهنّ أضعف خلق الله أركانا»

فقلت أحسنت يا سؤلي ويا أملي ... فأسمعيني جزاك الله إحسانا:

«يا حبّذا جبل الرّيان من جبل ... وحبّذا ساكن الرّيان من كانا»

قالت: فهلاّ فدتك النفس أحسن من ... هذا لمن كان صبّ القلب حيرانا: