لأهل المصر إلى الفسق كأشعار هذا الأعمى، وما زالا يعظانه. وكان واصل بن عطاء يقول: إنّ من أخدع حبائل الشيطان لكلمات هذا الأعمى الملحد. فلمّا كثر ذلك وانتهى خبره من وجوه كثيرة إلى المهديّ نهاه عن ذكر النساء، وقول التشبيب بهنّ-وكان المهديّ من أشدّ الناس غيرة-فقلت: ما أحسب شعر هذا أبلغ في هذه المعاني من شعر جميل وكثيّر عزّة وعروة بن حزام وقيس بن ذريح وعمر بن أبي ربيعة وتلك الطبقة! فقال لي: ليس كلّ من سمع تلك الأشعار يعرف المراد منها، وبشّار يقارب النساء حتّى لا يخفى عليهنّ ما يقول، وأيّ حرّة حصان تسمع قول بشّار فلا يؤثّر في قلبها فكيف بالمرأة الغزلة التي لا همّة لها إلاّ الرجال؟ وهاك من قوله، وأنشد (من المنسرح):
قد لامني في خليلتي عمر ... واللوم في غير كنهه ضجر
قال أفق قلت لا فقال بلى ... قد شاع في الناس منكم الخبر
قلت وإن شاع ما اعتذارك ممّ ... ما ليس لي فيه عندهم عذر
ماذا عليهم وما لهم خرسوا ... لو أنّهم في عيوبهم نظروا
أعشق وحدي فيقتلون به ... كالترك تغزو فتقتل الخزر
يا عجبا للخلاف يا عجبا ... في في من لام في الهوى الحجر
حسبي وحسب الذي كلفت به ... منّي ومنها الحديث والنظر
أو قبلة في خلال ذاك وما ... بأس إذا لم تحلّ لي الأزر
(٧٢) أو عضّة في ذراعها ولها ... فوق ذراعي من عضّها أثر
أو لمسة دون مرطها بيدي ... والباب قد حال دونه الستر
والساق برّاقة خلاخلها ... أو مصّ ريق وقد علا البهر