ثم قال له: من اجتمعت ألسن الناس على مدحه كان حقيقا أن يصدّقها بفعله.
وعن الأصمعي قال: أمر عقبة بن سلم لبشار بعشرة آلاف درهم فسمع أبو الشمقمق بذلك فوافى بشّارا فقال له: يا أبا معاذ! إني مررت بصبيان فسمعتهم يلعبون وينشدون (من مجزؤ الرمل):
هلّلينه هلّلينه ... طعن قثّاة لتينه
إنّ بشار بن برد ... تيس أعمى في سفينه
فأخرج إليه بشّار مايتي درهم، وقال: خذ هذه ولا تكن راوية الصبيان يا شميق!
وعن أحمد بن صالح-وكان أحد الأدباء-قال: غضب بشار على سلم الخاسر-وكان من تلاميذه ورواته-وإنما لقّب بالخاسر كونه أباع مصحفا واشترى بثمنه طنبورا؛ فاستشفع إليه بجماعة من إخوانه فجاءوه في أمره فقال:
كلّ حاجة لكم مقضيّة إلاّ سلما! قالوا: ما جئناك إلاّ في سلم، ولا بدّ ما ترضى عليه! وأحضروه فقام إليه فقبّل رأسه (٧٦) ومثل بين يديه فقال: يا سلم! من الذي يقول (من البسيط):
من راقب الناس لم يظفر بحاجته ... وفاز بالطيّبات الفاتك اللهج
قال: أنت يا أبا معاذ! جعلني الله فداك! قال: فمن الذي يقول (من مخلع البسيط):
من راقب الناس مات غمّا ... وفاز باللذة الجسور
قال: خرّيجك يقول ذلك-يعني نفسه! قال: أفتأخذ معانيّ التي عنيت