بها وتعبت في استنباطها فتكسوها ألفاظا أخفّ من ألفاظي حتّى يروى ما تقول، ويذهب شعري؟! لا أرضى عنك أبدا! قال؛ فما زال يضرع إليه حتّى رضي عنه. وفي هذه القصيدة (من البسيط):
لا خير في العيش إن كنّا كذا أبدا ... لا نلتقي وسبيل الملتقى نهج
قالوا حرام تلاقينا فقلت لهم ... ما في اللقاء ولا في قبلة حرج
من راقب الناس لم يظفر بحاجته ... وفاز بالطيّبات الفاتك اللهج
أشكو إلى الله همّا ما يفارقني ... وشرّعا في فؤادي الدهر تختلج
وعن العبّاس بن خالد؛ قال: سمعت <غير واحد> من أهل البصرة يحدّث أنّ امرأة قالت لبشّار: أيّ رجل أنت لو كنت أسود الرأس واللحية! فقال بشّار: إنّ بيض البزاة أثمن من سود الغربان! قالت: أمّا قولك فحسن في السمع، فمن لك بأن يحسن شيبك في العين كما حسن قولك في السمع؟! فكان بشار يقول: ما أفحمني قطّ غيرها!
وراسل امرأة كان قد سمعها بمجلسه فهويها فقالت لرسوله، قل له: أيّ معنى فيك وأنت كما تعلم؟ فبماذا تطمع في وصالي، وبأيّ شيء تدلّ؟! وجعلت تهزأ به. فلمّا أدّاه الرسول ما قالت؛ قال: عد إليها وأنشدها (٧٧)(من الكامل):
أيري له فضل على إيرانهم ... وإذا أشطّ سجدن غير أوابي
تلقاه بعد ثلاث عشرة قائما ... فعل المؤذّن شكّ يوم سحاب
وكأنّ هامة رأسه بطّيخة ... حملت إلى ملك بدجلة جابي