لا يؤيسنّك من مخبّأة قول تغلّظه وإن جرحا ... عسر النساء إلى مياسرة
والصعب يمكن بعد ما جمحا
(٨٣) قال؛ فأحضره وقال له: يا عاض بظر أمّه! أتحضّ الناس على الفجور، وتقذف المحصنات المخبّآت؟! والله إن قلت بعدها بيتا واحدا في تشبيب لآتينّ على نفسك! وعن عليّ بن محمّد-وهو الصحيح-قال: خرج بشّار إلى المهديّ ويعقوب بن داود حينئذ وزيره فمدحه ومدح يعقوب فلم يحفل به يعقوب، ولم يعطه شيئا. ومرّ يعقوب ببشّار يريد منزله فصاح به بشّار:
*طال الثواء على رسوم المنزل*
فأجابه يعقوب:
*فإذا تشاء أبا معاذ فارحل*
فغضب بشّار وقال يهجوه (من البسيط):
بني أمية هبّوا طال نومكم ... إنّ الخليفة يعقوب بن داود
ضاعت خلافتكم يا قوم فالتمسوا ... خليفة الله بين الزقّ والعود
قال النوفلي: فلمّا طالت أيام بشّار على باب يعقوب دخل عليه، وكان من عادته إذا إراد أن ينشد يتفل عن يمينه وشماله ويصفّق بيديه ففعل ذلك، وأنشد (من الكامل):
يعقوب قد ورد العفاة عشيّة ... متعرّضين لسيبك المنتاب
فسقيتهم وحسبتني كمّونة ... نبتت لزارعها بغير شراب
مهلا فدى لك إنني ريحانة ... فاشمم بأنفك واسقها بذناب
طال الثواء على تنظر حاجة ... شمطت لديك فمر لها بخضاب
تعطي الغزيرة درّها فإذا أبت ... كانت ملامتها على الحلاّب