صاحب الزنادقة فأمره بضربه ضرب التلف فضربه بين يديه على صدر الحرّاقة سبعين سوطا أتلفه فيها فكان إذا أصابه السوط يقول: حسّ، وهي كلمة تقولها العرب للشيئ الموجع المؤلم. فقال بعضهم: أنظر إلى زندقته كيف يقول حسّ ولا يقول بسم الله! فقال له: يا جاهل! أطعام هو فأسمّي عليه حتّى يبارك لي فيه؟! فقال آخر: أفلا قلت الحمد لله؟ فقال: أو نعمة هي فأحمد الله عليها؟! فلمّا تبيّن فيه الموت طرح في سفينة حتّى مات ثم رمي به في البطيحة فجاء بعض أهله فحملوه إلى البصرة ودفن فيها.
وعن محمّد بن الحجّاج قال؛ لمّا ضرب بشّار وطرح في السفينة قال:
ليت عين أبي الشمقمق رأتني حين يقول (من مجزوء الرمل):
إنّ بشّار بن برد ... تيس أعمى في سفينه
وعن أحمد بن خلاّد عن أبيه قال، مات بشّار سنة ثمان وستين ومائة، وقد بلغ نيّفا وتسعين سنة. وعن ابن مهرويه قال، حدّثني أبي قال، لمّا ضرب المهديّ بشّارا بعث إلى منزله من يفتّشه-وكان يتّهم بالزندقة-فوجد في منزله طومارا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم. أردت هجاء آل سليمان بن عليّ لبخلهم فذكرت قرابتهم من رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأمسكت عنهم إجلالا له صلّى الله عليه وسلم، على أنّي كنت قد قلت (من البسيط):
دينار آل سليمان ودرهمهم ... كبابليّين حفّا بالعفاريت
لا يبصران ولا يرجى لقاؤهما ... كما سمعت بهاروت وماروت
فلمّا قرأه المهديّ بكى وندم على قتله، وقال: لا جزى الله يعقوب خيرا فإنه لمّا هجاه لفّق عندي شهودا على أنه زنديق فقتلته ثم ندمت حين لا ينفع الندم.