الفضل بسبعة أيام؛ وسبب ذلك؛ روي أنّ يحيى بن خالد لمّا كتب تلك الأبيات المقدّم ذكرها وأجابه الرشيد عنها بما تقدّم من القول في ذلك أمهله قليلا؛ وكان البرد قد أقبل؛ فكتب إلى الرشيد يستعطفه ويستوهب منه ملبوسا للفضل ولده يلقى به برد السجن! فلمّا وقف عليها الرشيد طلب أربعة خدّام ودفع إليهم سياطا رديّة وأمرهم أن يتوجّهوا إلى السجن والسياط ملفوفين في بقجة (١٢٥) فيفرغوها بين يدي يحيى ويقولون له: ها قد أنفذ لولدك ما يدفئ جلده! ثم يضربون الفضل قدّام يحيى أربع مائة سوط. فلمّا قدموا السجن ودخلوا على يحيى ونظر البقجة ظنّ أنّ ذلك ملبوس، وأنّ الرشيد رقّ لهما! فلمّا فعلا ما أمروا به وضربوا الفضل وطرحوه وقد غاب عن الدنيا وتوجّهوا إلى الرشيد فأقام الفضل لا يعقل ولا يعي فطلب يحيى السجّان وسأله أن يحضره جرائحيا فرقّ لهما السجان وأمهل إلى الليل وأحضر جرائحيا كان جارا للسجّان فلمّا كشف عن ضرب الفضل هوّن الأمر عليه وقال: هذا يفيق ويبرا غير أني أريد منك أن تساعدني في قبولك الغداء وشرب الشراب! وعاد ذلك الجرائحي يصنع في بيته له المصاليق ويأتيه بالأشربة بيده. ثم إنه ذات يوم كشف عن ضربه ثم دار بوجهه إلى القبلة وسجد شكرا لله تعالى ثم قال ليحيى: أبشر يا سيّدي بسلامة ولدك فإنني لمّا كشفته أول يوم كان إلى التلف أقرب منه إلى السلامة! ولم أقل ذلك القول إلاّ لتقوى نفسه، والآن فقد زال ما كنت أحذر. وذلك أنّ الذين ضربوه كانوا جهّالا بالضرب فلمّا استقلّ الفضل من ضربه وقد بالغ الجرائحيّ في خدمته بكلّ ما اتصلت قدرته إليه اشتور يحيى والفضل وكتب الفضل قطعة