كان ملكهم من عانات وكور دجلة والبصرة وكانوا يصرّفون الفرات ودجلة كيف شاءوا وما فضل يصرّفونه إلى البحر الشرقى فلهذا سمّوا نبطا.
قلت: ولعلّ من آثارهم وغرسهم التفّاح المعروف بالنبطى موجودا بالشام إلى الآن وهو أكثر ما يكون.
وحكى الخطيب أيضا عن الهيثم بن عدى عن عبد الله بن عيّاش المنتوف قال: كان حدّ ملك النبط الأنهار إلى عانات كسكر إلى ما والاها من كور دجلة إلى كوجا (١) والسواد، وكان فى أيدى النبط سرّة الدنيا وكانت الفرات ودجلة لا ينتفع بهما حتى يليان بلادهم فيحفّونها ويفجّرونها فى كلّ موضع ويسوقونها إلى البحر الشرقى وحفروا الصراة العظمى ونهر سورا، وقيل إنّما جفر الصراة ملوك فارس ثم وليت الفرس فحفروا الأنهار (١٨٢) مثل نهر الملك، والخالص، ودبالى، وفم الصلح، وقيل إنّما حفر نهر الملك أفقورشه آخر ملوك النبط ويقال إنّه ملك مائتى سنة، وقيل إنّما حفره سليمان بن داود عليه السلام، وقيل إنّما حفر فم الصلح خالد بن عبد الله القسرى لمّا كان متولى العراق، وفم الصلح كان قد أقطعه المأمون للحسن بن سهل لما تجوّز ابنته بوران لما نذكر من ذلك فى آخر جزء هذا التأريخ وهو الجزء المسمّى بالدرّ الفاخر فى سيرة الملك الناصر أخّرناه لمكان لائق به فأثبتناه إذ كان القصد من ذكره عظم أمر الوليمة التى كانت فى ذلك الوقت لما يقف عليه من تطلبه.
قال: وأمّا النيل الذى بأرض العراق فيقال إنّ الحجّاج بن يوسف حفره وهو قريب من واسط.