وفيها قتل محمد بن زيد الداعي صاحب طبرستان وقام بالأمر بعده الناصر للحقّ الحسن بن عليّ ثالث العلويين حسبما يأتي من خبره في سنة ثلاثمائة واثنا عشر. وسبب ذلك لمّا أسر إسماعيل بن أحمد بن سامان عمرو بن الليث الصفّار وملك خراسان سار محمد بن زيد إلى جرجان فملكها وحصل له بها من أموال عمرو ودفائنه ما سوّل له أنه يقصد خراسان فكتب إليه إسماعيل يستنزله عن جرجان وأمره بالرجوع إلى طبرستان فأبى فسيّر إليه إسماعيل خليفة كان لرافع بن هرثمة يقال له محمد بن هارون السرخسي في جيش عظيم فالتقى الجمعان على باب جرجان فاستظهر الداعي وانهزم جيش خراسان. ثم وقف محمد بن هارون على قرب من البلد لعادة جرت للخراسانيين بعد الهزائم فثاب إليه الناس والمهزومون من أصحابه، وانتقضت صفوف الداعي وتفرّق عسكره في طلب النهب فكرّ عليه السرخّسى بعد اليأس منه فهزمه وقتل أكثر عسكره وفقد الداعي وأسر ابنه زيد بن محمد وأحضر بين يديّ السرخّسي فسأله عن أبيه فقال: كنت معه وفارقته وقت الهزيمة. فبينا هو يخاطبه إذ مرّ فارس من الخراسانية يجرّ فرسا فقال زيد: هذا فرس أبي! فاستدعاه محمد بن هارون وسأله عن فارسه فقال: نكّسته وجرحته وها هو على ضفّة النهر! فصاروا إليه فأخذوه وهو مثخن بالجراح فمات بعد يوم ونقل ولده زيد إلى بخارى فأقام بها إلى أن توفي، وله بها عقب. وكانت الوقعة يوم الجمعة لخمس خلون من شوّال سنة سبع وثمانين ومائتين. فمدة مملكته سبع عشرة سنة وأشهرا زاحمه فيها رافع بن الليث ثلاث سنين. (٢٥٨)
وفيها ظهر أبو سعيد القرمطي حسبما يأتي من ذكره في الجزء الذي يتلو هذا الجزء المتضمّن أخبار العبيديين خلفاء مصر كون هؤلاء القرامطة أصلهم