وكان ينفق في أجناده كلّ ثلاثة أشهر وله جعبة فيها تسعون سهما فيأخذ كلّ يوم سهما يخزنها غلام له اسمه ضاحك؛ فيرمي بذلك السهم إلى آخر نهاره ثم يودع في جعبة أخرى فإذا تفرّغت تلك الجعبة وامتلأت الأخرى ضرب طبل العطاء فيحضر الناس فأول ما يعرض فرسه بجميع آلاته وينادى باسمه فيوزن ثلاثمائة درهم وتحمل إليه فيأخذها بيده ويقول: الحمد لله الذي وفّقني لطاعة أمير المؤمنين حتّى استحققت الرزق! ثم يودعها خفّه فتكون لمن ينزعه. وكان أعور فركب ليلعب بالصوالجة فقال له أزهر أحد قوّاده: ليس بصواب لك أن تحضر هذا اللعب! قال: ولم؟ قال: ربّما أصابت عينك السليمة الكرة فتبقى بلا عين ونبقى نحن بغير أمير! فلم يعاود اللعب بعدها. وكان يجحف بالأغنياء ويلطف بالفقراء ويقول: إنما يطلب الشحم في بطون البقر لا في بطون العصافير! ومن مليح الشعر قول البسّامي في عمرو وقد أرجف بدخوله الكرج (من الخفيف):
أنا عبد الصفّار إن فرّج اللّ ... هـ هموم القلوب بالصفّار
لا يغرّنك الجواشن والبيض ... فمن تحتها قلوب العذارى
وإذا مالقوك بالخيل فاعلم ... أنّها عدّة ليوم الفرار
وقال من قصيدة بعد دخوله أسيرا إلى بغداد مشهورا على جمل يصف سعادة بني العبّاس (من الطويل):