للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل إنّ المعتضد لمّا حضرته الوفاة أمر بقتله فأخرج وقتل.

ومن أخبار عمرو الصفّار؛ كان عمرو بن الليث إذا جلس للشرب وضع قلنسوته بين يديه وأجلس قوّاده أمامه وبين يدي كلّ منهم عمود ذهب أو فضّة (٢٥٥) على أقدارهم. فإذا أعاد قلنسوته على رأسه قاموا بأجمعهم وأخذوا العمد بأيديهم لينظروا ما يأمرهم به فيمتثلوه. وكان ممن يحضر شربه أبو الفوارس صعلوك أحد القوّاد المستأمنة إليه فقال ليلة وهم على الشراب لمحمد بن زيدويه أحد أصفهسلاريّه الصفّار: هذا شاوك أيّها الأمير! وأشار بكأس! قال محمد بن زيدويه؛ فأعاد الأمير عمرو قلنسوته على رأسه فوثبنا كلّنا وفي أيدينا العمد فأمرنا بالانصراف فانصرفنا. فلمّا كان السحر وجّه خلفي فأتيته وجلا فقال: لا بأس عليك اشتهيت أكل الرؤوس، وأحببت أن تساعدني عليها! وكشف طبقا بين يديه فإذا رأس صعلوك! فجفّ لساني وارتعدت فرائضي. ثم أخرج إليّ نصلين غير مغمدين وغمدا واحدا وقال: أغمدهما فيه! فقلت:

لا يمكن ذلك! فقال: وكذلك لا يجتمع أميران في جند! فإمّا تؤمّر وإمّا أؤمّر! فقلت: الله الله فيّ أنا عبدك ومملوكك والرجل غلط عليّ فيما قال، وإن أحببت قتلتني فهو بيدك، وإن استبقيتني فلخدمتك! فصرفني إلى منزلي وصفح عني وأبقى عليّ.

ومن أخباره. كان عمرو يشتري المماليك ويربّيهم ويهبهم لقوّاده فيكونون أصحاب أخبار عليهم ويجري عليهم الجرايات سرا فلا يخفى عنه خبر. خرج القاضي أبو رجاء يوما من منزله إلى مجلس عمرو فقدّم له مهر ريّض فركبه فنفر به في طريق خال وليس يراه أحد إلاّ غلامه فوقعت قلنسوته فأعادها ودخل إلى المجلس فقال عمرو: يا أبا رجاء! لم تركب المهارة؟ وإنما حقّك أن تركب القرّح فإنّ هذا الذي جرى عليك من سقوط قلنسوتك لا يليق بمثلك! فاشتدّ تعجّب أبي رجاء (٢٥٦) وتحفّظ فيما بعد.