فقال له: هل حملت إلى مشايخ البلد شيئا؟ فقال: لا! فقال: هذا سبب عدم وصولك! ثم دخل كندا تكين إلى أبي الحسن الكاتب وسأله كيف سبب التوصّل؟ فقال الكاتب: يحتاج إلى ستّة آلاف دينار ترضي بها مشايخ الباب! فمضى الديلمي وعرّف ابن قارن ذلك؛ فاقترض من التجّار ستّة آلاف دينار وسلّمها إليه فأوصلها كنداتكين إلى أبي الحسن الكاتب فأخذها وأوصل ابن قارن إلى الملك أحمد وقرّبه وأنزله وسرّ بمقدمه. ثم قال لأبي الحسن: تعرّف منه هل عوده إلى بلاده أحبّ إليه أم بقاؤه؟! فسأله أبو الحسن فاختار العود إلى بلاده فخلع عليه (٢٨١) خلعا تصلح للملوك، وحمل بين يديه عشر بدر، وقاد بين يديه عشرة أفراس بمراكب الذهب، وردّه إلى بلاده مكرّما، وكتب إلى أمراء الأعمال بإنزاله وإكرامه، وصرفه مكرّما شاكرا. فلمّا وصل مرو-وكان واليها يومئذ صعلوك المقدّم ذكره-فأنزله وأكرمه وسأله: كيف رأيت السيّد؟ قال: أمّا رؤيته فاشتريتها بستّة الاف دينار! قال: ممّن؟ قال: من أبي الحسن الكاتب! فكتب صاحب الخبر بذلك لوقته وابن قارن لا يشعر! فلمّا ورد الكتاب على الملك أحمد كتب من ساعته بردّ ابن قارن بحيث ما أدرك، وأن يترك كلّ ما معه يمضي إلى بلاده ويرجع في خمسة غلمان. ثم ركب أحمد بعد ذلك إلى صيد السبع بشاطئ جيحون. فأدرك الرسول ابن قارن بمرو بعد فرجع بهم إلى أحمد وهو في الصيد، فلمّا لقيه قال له أحمد: يا أبا منصور! رددناك وشغلنا قلبك! ثم قال له: ضع يدك على رأسى! فوضعها. فقال: أقسم بها كم غرمت على بابي؟! قال: ستّة آلاف دينار، ولو وصلت إليك بأولادي الستة لكان قليلا! قال:
ومن أخذها منك؟ فقال: أبو الحسن الكاتب! فجدّد له أحمد صلة أخرى، واستدعى أبا الحسن وقال: رجل غريب ترك نعمته من غير خوف ولا لنا في بلاده طمع، جاء إلينا بنفسه، وأهدى إلينا الهدايا الخطيرة تفعل معه ما فعلت؟! كأنك ما تذكر مجيئك إليّ ودرّاعتك ما تساوي ستّة دراهم! أنا لك بهذه إذا عدنا إلى بخارى. ثم اتّفق صيد السبع وعزم على العود فعلم أبو الحسن أنّه إن أصبح ودخل بخارى ناله بعقوبة وهلاك واستئصال نعمة، فعمل على قتله،