منقار أحدهم فإذا تعلّق بمنقاره فى ذلك الشقّ طاروا الجميع بعد ذلك وتركوه معلّق بمنقاره إلى السنة الأخرى مثل ذلك اليوم فينفتح ذلك الشقّ ويسقط الميّت ويتعلّق غيره.
قلت: هذا صحيح، وقد فحصت عنه وحكى لى جماعة لا أشكّ فى قولهم بصحّة ذلك، ولقد حكى للعبد إنسان كان متولّى منية بنى خصيب الذى هذا الجبل مقابلها يسمّى شمس الدين سنقر من مماليك كدت أنّه شاهد ذلك بعينه وأنّ الطير لا يبرح معلّق فى ذلك الشقّ وسألنى أن أتوجّه وأنظره فلم يتهيّأ ذلك لشغل الوقت، فقلت: قد اكتفيت <بقولك> عن المعاينة، وحكى أيضا أنّ فى سنة من السنين التى كان بها واليا تعلّق طائر منهم على العادة وطاروا البقيّة وتركوه فلم يبعدوا حتى لحق بهم ذلك الطائر وقد تخلّص، فعادوا على بدء إلى (٢٠٠) ذلك المغار وأعرضوا أرواحهم فى ذلك الشقّ حتى طبق على واحد منهم فتركوه ومضوا لحالهم، وهذه من العجائب التى لا تكيّف.
ومن عجائب مصر عمود بثغر الإسكندريّة يعرف بعمود الصوارى ليس يوجد له نظير فى الطول والجفاء وهو من حجر أسود أصمّ لا يوجد له معدن بالديار المصريّة حتى قيل إنّه معجون من أخلاط عدّة وكذلك جميع الأعمدة التى التى بالبرابى المصريّة من معدنه، لكن ليس فيهم مثله، وقيل إنّ أخاه بآخر أعمال أسوان وهى آخر حدود الديار المصريّة.
قلت: ولعلّهما جعلا حدودا لأعمال الديار المصريّة أحدهما هذا المذكور وهو حدّ ديار مصر إلى البحر الرومى من هذه الجهة والآخر حدّ ديار مصر من بلاد النوبة، فهذا ما ظهر للعبد من أمرهما، والدليل على ذلك أنّى رأيت هذا العامود بثغر الإسكندرية على تلّ عال ليس إلى جانبه عمارة ولا منه شئ غامض فى ذلك التلّ، فيقال: قد كان عليه عمارة وزالت وأقام وإنّما إقامته إشارة لشئ مخصوص به، ولعلّه كما خطر للعبد، والله أعلم.