ظهرت سيفان عظيمان غاديان عن يمين الدرجة وشمالها فالتقيا على ذلك الرجل فقطعاه نصفين فأهوى جسده إلى الدرج، فلمّا استقرّ على بعضها اهتزّ العامود وصفر ذلك الديك صفرة عظيمة رجفت لها القلوب ثم حرّك جناحيه وظهرت بعد ذلك أصوات مزعجة وصرخات هائلة نكرة قد عملت على الكواكب السبع بالحركات الفلكية ينزعج لها السامع ولا يكاد يثبت، قال: فشجّع الناس بعضهم بعضا، وتقدّم آخر فجرى عليه كذلك وقطع نصفين، وجرت تلك الأحوال النكرة وتلك الأهوال المزعجة، قال: وآخر وآخر حتى قتل نيف وألف رجل، فقال عند ذلك عبد العزيز: حسبنا الله هذا أمر لا يدرك ولا يوصل إليه، ثم أمر بردّ التراب بعد غلق الباب على تلك القتلى فكانت تلك الحفرة (١٩٩) قبورهم وموضع ترابهم.
قلت: وقد يأتى فى الجزء الثانى منه ذكر عدّة من هذه الحفائر التى أودعوها ملوك القبط أموالهم وذخائرهم وأمتعتهم وجعلوها نواويسهم ومقابرهم، وذلك ما تضمّنه ذلك التأريخ القبطى المختصّ بذكر ملوك مصر، وكذلك قد ذكرت فى الجزء المختصّ بالعبيدين (١) خلفاء مصر قطعة جيّدة من كتاب حلّ الرموز فى علم الكنوز ومن اتّصل إلى بعضها من ملوك مصر وخلفائها ما فيه بلغة المتأمّل.
قال ابن الجوزى رحمه الله: ومن عجائب مصر جبل الطير بصعيدها وهو جبل فيه مغار وفى ذلك المغار شقّ فإذا كان يوما معيّنا فى السنة اجتمع إليه طيور سودانيّة من جميع الأقطار فيأتى كلّ منهم إلى ذلك الشقّ ويضع منقاره فيه ثم يخرجه ويطير ويأتى آخر فيفعل كذلك، ولا يزالون يفعلون كذلك حتى يطبق ذلك الشقّ على