السمك في أوّل أمره. وسبب تمليكه أنّه كان شجاعا مقداما، وكان في جيش أولاد الناصر للحقّ العلويّ. وقد تقدّم <خبر> مبارزته في ذلك الوقت.
وانتشأ أولاده الثلاثة على ما كان عليه أبوهم من الشجاعة. ولمّا انقطعت دولة العلويّين، وتغلّب كلّ إنسان على طرف من ممالكهم ببلاد الديلم غلب عماد الدولة المذكور على شيراز، واتّفقت له أسباب عجيبة كانت سببا لثبات ملكه؛ ذكر ذلك أبو محمد هارون بن العبّاس المأموني في تاريخه أنّ عماد الدولة في أول ملكه اجتمع أصحابه وطالبوه بالأموال ولم يكن معه ما يرضيهم به وأشرف أمره على الانحلال فاغتمّ لذلك فبينا هو مفكّر قد استلقى على ظهره في مجلس قد خلا فيه للفكرة والتدبير إذ نظر إلى حيّة عظيمة قد خرجت من موضع من سقف ذلك المجلس ودخلت موضعا آخر فخاف أن تسقط عليه فدعا الفرّاشين وأمرهم بإحضار سلّم وأن تخرج الحيّة! فلمّا صعدوا وبحثوا (٣١٩) عن الحيّة فوجدوا ذلك السقف يفضي إلى غرفة بين سقفين فعرّفوه ذلك فأمرهم بفتحها ففتحت فوجد فيها عدّة صناديق من المال والمصاغات قدر خمس ماية ألف دينار فحمل المال بين يديه فسرّ بذلك وأنفقه في رجاله وثبت أمره بعد أن كان قد أشفى على الانخرام.
ومن غرائب أسبابه أيضا أنّه قطع ثيابا وسأل عن خياط حاذق فوصف له خياط كان لصاحب البلد قبله فأمر بإحضاره-وكان أطروشا-فوقع له أنّه سعي به إليه في وديعة كانت عنده لصاحب البلد وأنه طلبه بهذا السبب! فلمّا خاطبه حلف أنّه ليس عنده إلاّ اثنا عشر صندوقا لا يدري ما فيها فعجب عماد الدولة من جوابه ووجّه معه من أحضرها فوجد فيها أموالا وثيابا بجملة كثيرة. وكانت هذه الأسباب من أقوى دلائل السعادة. ثم تمكّنت أحواله، واستقرّت قواعده، وأقام في الملك ستّة عشر سنة. ولمّا ملك كان سنّه اثنتين وعشرين سنة وعاش سبعا