للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما نزل بقومهما تابا إلى الله عزّ وجلّ وكفّا عن الفساد، وكانت العنقاء لها عشرة أوجه كوجوه بنى آدم من أحسن الخلق وكان لها أربعين جناحا مكلّلة بأنواع الجواهر واليواقيت، وإذا حلقت فى فلك الهوى (١) يسمع لها دويّا كأعظم ما يكون ومن اللذّ (٢) سماع يكون وكان لها فهما وعقلا تدرك بهما الأشياء، فلمّا سمعت تسبيح الملائكة فى فلك القمر تعلّمته فكانت تسبّح الله تعالى كتسبيح الملائكة بألذّ نغمة وأطيب حسّا وأطرب صوتا، قال: فمكثت فى الأرض إلى عهد سليمان بن داود عليه السلام.

(٢٠٩) وأمّا عوج فاستقرّ فى الأرض وكان من نسله الجبّارين، وكان فى عظم جدّه الحنّ بغير أجنحة، ولمّا كان الطوفان عاد يمشى فيه ويخوضه وهو إلى حقويه ويحاذى السفينة ويقول لنوح عليه السلام: يا عمّ أترانى أغرق قصيعتك هذه.

قلت: هذا ما ذكره جدع بن سنان فى تأريخه بإسناده إلى الشعبى لما ذكرناه، وهو حديث غريب لم أرى أحد من المؤرّخين ذكره على هذا الوجه، وإنّما المذكور من قصّة عوج أنّه ابن عناق وأجمعوا أنّ عناق ولدتها حواء من آدم عليه السلام فوضعتها مشوّهة الخلق لها رأسان وفى كلّ يد عشرة أصابع وأنّها ولدتها بمفردها بغير توأم معها، وقد روى عن الإمام علىّ بن أبى طالب كرّم الله وجهه أنّه قال: هى أوّل من بغا وعمل بالفجور وجاهر بالمعاصى، واستخدمت الشياطين وصرّفتهم فى وجوه السحر، وقد كان الله تعالى أنزل على آدم عليه السلام عوده وأسماء تطيعه بها الشياطين والمردة وأمره أن يدفعها لحواء تعلّقها عليها ويكون ذلك حرزا لها، ففعلت ذلك حواء فاعتقلتها عناق وهى نائمة


(١) الهوى: الهواء
(٢) اللذ: ألذ