فأخذتها منها واستجلبت بها الشياطين والعتاة من المردة، وصرّفت ذلك فى أنواع السحر وأضلّت كثيرا من ولد آدم عليه السلام، قال: فدعى عليها آدم عليه السلام فأرسل الله تعالى عليها أسدا عظيما فأهلكها.
وأجمع جماعة من المؤرّخين أنّ عوج ولدها وأنّ الطوفان بلغ بعض جسده وأنّه عمر إلى زمان موسى بن عمران عليه السلام وأنّه قطع صخرة قدر عسكر موسى عليه السلام وكانوا (٢١٠) فى أكثر من مائتى ألف وأراد أن يطرحها عليهم، فأرسل الله تعالى طائرا فنقر تلك الصخرة فنزلت فى عنقه ولم يفارق حتى أتاه موسى عليه السلام فضربه بعصاه فى بزّ كعبه، وقيل: كانت العصاة سبعة أذرع وطول موسى عليه السلام سبعة أذرع وطاح فى الهواء سبعة أذرع حتى لحق بزّ كعبه فضربه فقتله.
قال جدع بن سنان رحمه الله لما أسنده إلى الشعبى رحمه الله فى تتمّة قصّة الحنّ والبنّ والطمّ والرمّ والجنّ وما أضاف إلى ذلك من ذكر الزهرة وإبليس وهاروت وماروت:
ولمّا كثر فساد الحنّ والبنّ فى الأرض وأرسل الله عليهما الطمّ والرمّ وأمرهم بقتل الحنّ والبنّ فقتلوهم قتلا ذريعا عامّا حتى إنّ الأرض اسودّت من دمائهم وكانت من قبل أشدّ بياضا من الكافور وأطيب رائحة من المسك إذا كانت بكرا لم يعصى الله تعالى عليها قطّ قبل الحنّ والبنّ ولمّا أهلكهم الله بفسادهم وشرورهم استقرّ فى الطمّ والرمّ وتوالدوا وكثر نسلهم وأقاموا فى الأرض ما شاء الله تعالى من الأزمنة والدهور، فأفسدوا وكثر شرّهم وعصوا وفعلوا كأقبح من فعل الحنّ والبنّ، فشكاهم الملائكة إلى خالقهم فخلق تعالى الجنّ من مارج من نار وأمرهم بهلاك الطمّ والرمّ ففعلوا، واستقرّت الجنّ فى الأرض