ومؤلف الجزء الذى ننشره هو من الفئة الأخيرة. وميزة هذه الفئة أنها كانت شهود عيان لكثير من الحوادث التى عاصرتها، وأتيح لها أن تطلع على خفايا أمور السياسة فى ذلك العصر، كما أنها عبّرت عن وجهات النظر الحكومية فى أحيان كثيرة. وعلى هذا فإن ما يتعلّق، من مؤلفاتها، بالعصر الذى عاشت فيه، هو على جانب كبير من الشأن. أما ما سبق عصرها فقيمته متعلقة بشأن المصادر التى استمدت منها، وطريقة الأخذ عنها.
ونحن لا ندرى الكثير عن مؤلّف هذا الجزء. ولولا كتبه التاريخية التى وصلت إلينا لما عرفنا عنه شيئا. إذ سكت عنه الذين ترجموا لعلماء القرن الثامن ورجاله، فى حين ترجموا للكثيرين غيره. وإذن فإن من الصعب أن نقدّم ترجمة واسعة له. ومن المؤسف أنه هو أيضا لم يتحدّث عن نفسه كثيرا فى تاريخه، وما وجدناه فى تاريخه قد يقدم له ترجمة صغيرة، ولكنها على كل حال ناقصة.
يذكر المؤلف فى عنوان تاريخه اسمه. وهو «أبو بكر بن عبد الله ابن أيبك صاحب صرخد». ولنحاول أن نبحث أولا عن جدّه.
لقد بحثنا كثيرا عن ولاة صرخد، وهى بليدة فى حوران لها قلعة مشهورة، فوجدنا فيهم «أيبك صاحب صرخد، الاستادار المعظمى». وكان هذا