وتسليته، لذلك حشد فيه النوادر والمضاحك والملح والرقائق والأهاجى والمدائح والحكايات.
أما فى القسم الذى عاش فيه وأرّخه فنجده مؤرخا من الطراز الأول، كثير الملاحظة، يسوق أكثر ما يمكن من تفصيلات، وخاصة فيما رآه هو نفسه أو شارك فيه. وهو يقص، بحرارة وصدق، الحوادث التى رآها وأثرت فى نفسه. ولا شك أنه فى هذا القسم من أثمن المراجع التى يرجع إليها لتأريخ المماليك. غير أن أسلوبه عامى فيما ينشئه هو بنفسه، فى أغلب الأحايين: يستعمل اللغة العامية، وتراكيبها، وألفاظها، وقد يخلطها باللغة الفصحى، المسجوعة، مما حفظه من الكتب. فيأتى من ذلك أسلوب عجيب، يفصح مرة، ويسفل أخرى.
وقد ألّف تاريخين: الأوّل هو «كنز الدرر»، والثانى «درر التيجان». جعل الأول فى تسع مجلّدات، وهو يدخل فى إطار التواريخ العامة، منذ مبدإ الخليقة إلى عصر المؤلف. وقد جعل كل جزء يختص بدولة واختصّ كلّ جزء باسمين خاص وعام. ويعتقد أن عمله هذا لم يسبق إليه. فالاسمان الفرعيان الأولّ يتعلّق بفلك من أفلاك السماء التسع، والثانى يتعلّق بموضوع الكتاب. وإذ كان الاسم العام «كنز الدرر» فقد جعل عنوان الكتاب الفرعى الثانى درّة دائما.