فإنّ ذلك من صحّة الودّ وعظم الألفة بينهم. عمل بذلك الثورانى والوليد وصاحب اليمن. فأمّا بذل الرجل لأخيه امرأته متى أحبّ.
قال الشريف: ولقد بلغنى وأنا مقيم بدردا أنّ على الفرات الكبير جماعة كبيرة تعمل بذلك إلى آخر وقت.
فلما تمكن من عقولهم ووثق بطاعتهم أخذ فى تدريجهم إلى الضلالة، وأتاهم بحجج من مذهب الثنويّة، فسلكوا معه فى ذلك، حتى خلعهم من الشريعة ونقض عليهم ما كان أمرهم به فى مبتدإ أمورهم من الخشوع والورع والتقى، وظهر منهم بعد تديّن كثير إباحة الأموال والفروج (ص ٣٦) والغناء عن الصوم والصلاة والفرائض، وأنّ ذلك كلّه موضوع عنهم، وأنّ أموال المخالفين ودماءهم حلال لهم، وأنّ معرفة صاحب الحقّ تغنى عن كلّ شئ، ولا يخاف معه إثم ولا عدوان، يعنى معرفة إمامه الذى يدعو إليه.
وكان مبتدأ هذه الدعوة الخبيثة لمحمد بن إسماعيل بن جعفر بزعمهم، ولم يكن له والله فى ذلك منها شئ قل ولا جلّ. وإنما أقاموه اسما يدعون إليه من استضعفوه من أهل العقول النحيفة. وقالوا: إنّه الإمام المهدى الذى يظهر آخر الزمان ويقيم الحقّ، وأنّ البيعة له، وأنّ الداعى إنما يأخذها على الناس له، وأنّ جميع ما يجمع من الأموال مدّخر له إلى أن يظهر. ولم تزل هذه الدعوة