ونصب الأمناء على ذلك، وأقام العرفاء على الرجال، والاحتياط على ذلك كله، حتى بلغ من تفقّده واحتياطه أنّ الشاة كانت تدبح فيسلّم اللّحم إلى العرفاء ليفرّقوه على من رسم لهم به، ويدفع الرأس والأكارع والبطون إلى العبيد والإماء، ويجزّ الصّوف والشعر من المعز ويفرّقه على من يغزله، ثم يدفع إلى من ينسجه عبيا وأكسية وغرائر وجوالقات، ويفتل منه حبال، ويسلّم الجلد إلى الدباغ. فإذا خرج سلم إلى خرّازى القرب والروايا والمزاد. وما كان من الجلود يصلح نعالا وخفافا عمل منه، ثم يجمع ذلك كلّه إلى خزائن معدّة لذلك. وكان ذلك دأبه لا يغفله.
وكان يوجّه فى كل مديدة بخيل إلى ناحية البصرة فيأخذ من وجد، فيستعبد، حتى زاد بلاؤه وعظمت هيبته فى صدور الناس. وقد كان واقع بنى ضبّة-لما كان فى نفسه منهم حين أعانوا العباس بن عمرو- وقائع مشهورة بالشدّة والعظم، ثم ظفر بهم فأخذ منهم خلقا، وبنى لهم حبسا عظيما، وتركهم فيه حتى موّتوا جوعا وعطشا، وزاد بلاه حتى قتل.