وعلموا أنّ محمد بن إسماعيل كان لهم فى مبدأ الدعوة مثل الصانع الذى معه الأداة يعمل بها، فلما ترك أداته بطل صنعته. ولما قطعوا الدعوة من بلادهم لم يمكنهم أن يقطعونها من غير ديارهم، لأنها كانت قد امتدّت فى سائر الأقطار وكثر شرّها وتزايد خبثها. وقد تحوّلت عن الرسم الأوّل مذ هلك سعيد المسمّى بعبيد الله الملقّب بالمهدى بالمغرب.
ثم إن الدعاة قطعوا مكاتباتهم إلى من بسلمية بهذا السبب.
وكان رجل منهم قد توجّه إلى الطالقان. وكانوا ربما يكاتبونه أيضا.
فلما انقطعت المكاتبة عن جميع ولد عبد الله بن ميمون القدّاح انقطعت عنه أيضا. فتوصّل حتى نزل على عبدان، وعاتبه بسبب انقطاع مكاتباته.
فعرّفه عبدان قطعهم الدعوة، وأن أباه كان استغرّهم وادّعى نسبا ليس بصحيح، وأنه دعا لمحمد بن إسماعيل المهدى «فكنا نعمل على ذلك.
فلما تبيّنا أن لا أصل لذلك كلّه وعرفنا أنّ أباك من ولد ميمون بن ديصان، وأنه صاحب الأمر تبنا إلى الله عز وجل ممّا عملناه، وحسبنا ما كفّرّنا أبوك، فتريد أن تردّنا كفار؟ انصرف عنا إلى موضعك».
وكان عبدان قد تاب من هذه (ص ٤٧) الدعوة الخبيثة بالحقيقة.
فلما أيس منه صار إلى زكرويه بن مهرويه وعرّفه خبر عبدان.
فلقيه زكرويه بكل ما يحبّ. وقدّر أن ينصبه داعيا مكان أبيه