حتى حجز بينهما الظلام وقد أتوا على عامة العسكر، وسلم منهم القليل. ولحق أبو الأغرّ فى جميع من معه بحلب، ثمّ تلاحق به من سلم، حتى عاد فى نحو ألف رجل. ووافت القرامطة فنازلوا حلب. فحاربهم أبو الأغرّ، فلم يقدروا منه على شئ، فانصرفوا. وجمع طاغيتهم الحسن بن زكرويه أصحابه، وكان قد اتصل به خلق كثير من اللصوص والمتجرّمة، وخلق من بنى كلب. فسار حتى نزل حمص، فخطب له على منابرها. ثم نهض (ص ٥١) إليها فأعطاه أهلها الطاعة وفتحوا له، فدخلها. ثم سار إلى حماة ومعرّة النّعمان وغيرهما. فقتل الرجال وسبى الدّرارى والأطفال، ثم رجع إلى بعلبكّ فقتل عامة أهلها، ثم صار إلى سلمية فحاربه أهلها وامتنعوا منه، فأعطاهم الأمان ففتحوا له، فمن فيها من بنى هاشم فبدأ به فقتلهم أجمعين، ثم كرّ على جميع أهلها فقتلهم بأسرهم، ولم يبق على أحد منهم، وخرج عنها ولا بها عين تطرف. وكان مع ذلك لا يمرّ بقرية فيدع بها مخبر، حتى أخرب البلاد وسبا الحريم، ولم يقم له أحد.
ووردت كتب التجّار والناس من دمشق وغيرها مستصرخين بالويل والثبور لما نزل بهم، حتى كثر الضجيج بمدينة بغداد، واجتمعت الناس إلى يوسف بن يعقوب القاضى وسألوه مخاطبة الخليفة فى أمور