أوتوا من قبل أنفسهم وذنوبهم، وأنهم لم يصدقوا الله، وحرّضهم على المعاودة إلى الحرب. فلم يجبه منهم أحد إلى ذلك، واعتلّوا بفناء الرجال وكثرة الجراح فيهم. فلما أيس منهم قال لهم: قد كاتبنى خلق من أهل بغداد بالبيعة لى ودعائى نحوها لأظهر بها. وأنا مستخلف عليكم أبا الحسين القاسم بن أحمد صاحبى. وكتبى ترد إليه بما يعمل به، فاسمعوا له وأطيعوا أمره. فضمنوا له ذلك.
وشخص معه قريبه عيسى ابن أخت مهرويه المسمّى بالمدّثر، وصاحبه المطوّق، وغلام له رومى. وأخذ دليلا يرشدهم إلى الطريق. وساروا يريدون سواد الكوفة. وسلك البرّ وتجنّب المدن والقرى، حتى إذا صار قريبا من الدالية نفد زاده. فأمر الدليل فمال بهم إليها، ونزل بهم بالقرب منها، خلف رابية. ووجّه بعض من كان معه لابتياع ما يحتاجون إليه. فلما دخلها أنكرونه وقبضوا عليه، وأتى به إلى واليها، وكان يعرف بأبى حبرة يخلف أحمد بن كشمرد صاحب الحرب بطريق الفرات. والدالية قرية من عمل الفرات. فقرّره فاعترف على رفقته. فسار (ص ٥٣) المتولّى إليهم فى جمع فأخذهم وشدّهم وثاقا، وتوجّه بهم إلى صاحبه ابن كشمرد. فصار بهم إلى المكتفى بالله، وهو يومئذ نازل بالرقّة. فأمر أن يشهروا بها. ففعل بهم ذلك، وعلى الحسن