وقال آخرون من القرامطة: نسير ليلتنا ثم نكمن فى النّجف، ثم نريح الخيل وننام، ونركب عمود الفجر فنشنّها غارة على أهل المصلّى، ونضع السيف وهم آمنون ليس فيهم (ص ٥٩) من معه سلاح.
فقال اللعين: هذا هو الرأى.
ففعلوا ذلك، حتى إذا حصلوا على المكان الكمين، ناموا لما يريده الله تعالى من سلامة الناس، فلم يوقظهم إلا الشمس يوم العيد، لطفا من الله عز وجلّ.
ومن ألطاف الله عز وجلّ أيضا أنّ إسحاق بن عمران المتولّى كان قد أحدث مصلّى بالقرب من طرف البلد فصلّى فيه. وكان الرجوع منه إلى البلد سهلا، فقصدت القرامطة المصلّى العتيق على ما كانوا يقدّرون أنّه مصلاّهم فلم يصادفوا به أحد. فأقبلت خيل منهم من تلك الجهة فدخلت الكوفة من يمينها، فوضعوا السيف حتى وصلوا إلى حبسها ففتحوه، وقتلوا كثيرا من الناس، وجرحوا خلقا. فارتجّت الكوفة، وخرج الناس بالسلاح، وتكاثر الناس على من دخل الكوفة من القرامطة، فقذفوهم بالحجارة، ورمى عليهم بالسهام، فقتلوا جماعة. وأقبل جلّ القوم من الخندق فقتلوا ناسا، وناوشهم طوائف من الجند تخّلفوا فى الصحراء.