وكان إسحاق بن عمران المتولّى قد انصرف إلى منزله فى أحسن زى.
فلما سار فى بعض الطريق لحقه فارس من بنى أسد على فرس قد جرح، فخبّره أنّ قوما من الأعراب قد هجمت البلد فقتلت وسبت وخرجت إلى الصحراء، وإنّى لقيتهم ففعلوا بفرسى ما تراه. ثم إنه تحقق أمرهم فكان بينهم طول ذلك النهار حرب شديد. ورجع القرامطة إلى سوادهم بعد قتلا كثير فى الناس من أهل الكوفة وجماعة من القرامطة.
وأبلى فى هذه النوبة إسحاق بن عمران بلاء حسنا، وعرف <الناس> منه ثباتا وشجاعة.
ثم كتب من وقته كتابا إلى الوزير العباس بن الحسن يعرّفه بجميع ذلك، ويستصرخه بالجيوش.
ولما وصلوا القرامطة إلى سوادهم بعين الرحبة رحلوا هم إلى (ص ٦٠) عين يسرة العذيب تعرف بعين عبد الله. ثم رحلوهم فنزلوهم بقرية تعرف بالصوان، على نهر هدّ من سواد الكوفة. فخرج إليه منها عند نزولهم إياها زكرويه بن مهرويه لعنه الله. وكان بها مستترا. فقال [أحمد بن القاسم] للعسكر: هذا صاحبكم وسيدكم ووليّكم الذى تنتظرونه. فترجّلوا بأجمعهم وألصقوا خدودهم بالأرض. وضرب لزكرويه مضرب عظيم وطافوا به، وسرّوا جدا، واجتمعت إليه جميع أهل دعوته من السواد وغيره.