ومنها أن يرسموه بالذلّ والطاعة لهم، والرضا منه بأن يكون منقادا تابعا ومعظّما لهم مكثرا. وإلاّ فإن نكث الأيمان وقلة الاكتراث بها والفكر فيها والاعتداد بأمرها هو دينهم عند البلوغ إلى غايتهم (ص ٧٣) التى يجرون إليها ويبلغون فيها. وإنما يجعلون ذلك مانعا لأهل هذه الطبقات ما داموا مستشعرين للعمل بالديانات.
فإن سمح المدعو بإعطاء عهده وتصاغر لهم لقوّة اضطراب قلبه وشكّه قالوا له حينئذ: اعطنا جعلا من مالك وغرما نجعله مقدّمة أمام كشفنا لك الأمور وتعريفك إيّاها.
فكان ذلك أيضا مما يستظهرون به عليه من الاستدلال على قوة شكّه وتعلّق نفسه، وظهريا لهم على الاستعانة على أمرهم، وتمكينهم لدعوتهم، ثم وسموا له وسما بحسب ما يراه الداعى فى أمره صلاحا.
وإن امتنع عليهم المخدوع فى رتبة العهد وإعطاء الداعى رتبة الغرم وعطيتّه، أمسكوا عنه وزادوه أبدا فى شكّه وحيرته. فهذا حال الدعوة الأولى.
قال العبد المولّف لهذا التاريخ أبو بكر عبد الله غفر الله له:
قد اخترت الله تعالى وأضربت عن ذكر بقية المقالات، وهن ثمان بعد هذه المقالة، صيانة لكتابى، إذ لا أكتب بيدى ما صمّ له مسمعى واقشعرّ من هوله بدنى. وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده شريك له،