والمختار عند أصحابنا قتل الجميع بغير إنذار بحديث أبى هريرة الذى رويناه فإنّه مطلق فى حقّ الكلّ، قال: لأنّه بلغنا أنّ النّبى صلى الله عليه وسلم عهد ليلة الجنّ إلى الجنّ وأكّد عليهم العهود والمواثيق أنّهم لا يدخلون بيوت أمّته ولا يظهرون فإن (٢٢٤) ظهروا قتلوا، لكن الأولى هو الإنذار عملا بجميع الروايات فإن لم يرجع قتل.
وروى عروة أنّ عائشة قتلت حية فأتيت فى منامها فقيل لها: قتلت مسلما! فقالت: لو كان مسلما لما دخل بيوت أزواج النبىّ صلى الله عليه وسلم فقيل لها: هل كان يدخل عليك إلاّ وعليك ثيابك فأصبحت فزعة فتصدّقت بأثنى عشر ألفا، فأوّل هذا الخبر إباحة قتله من غير إنذار وآخره استحباب ذلك، وروى مجاهد عن ابن عبّاس أنّ الكلاب من ضعفاء الجنّ، وقال أحمد بن حنبل (١) بإسناده إلى أبى ذرّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكلب الأسود شيطان، انفرد بإخراجه مسلم، وفيه: الكلب الأسود البهيم، وبهذا الحديث يحتجّ أحمد بن حنبل فى إحدى الروايتين عنه أنّ الكلب الأسود البهيم يقطع الصلاة، ويروى عن معاذ وطاووس ومجاهد، قال أحمد: وفى نفسى من المرأة والحمار شئ وعند أهل الظاهر يقطع الصلاة.
قال ابن الجوزى: ومذهب أصحابنا ومالك والشافعى وعامّة الفقهاء أنّه لا يقطع الصلاة مرور شئ من ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يقطع الصلاة مرور شئ، وحديث أبى ذرّ حجّة فيه وقد بيّنّا هذا فى شرح البداية، يقول ذلك ابن الجوزى رحمه الله، وقال الحسن البصرى: الجنّ ثلاثة أصناف: صنف فى البحر وصنف فى البرّ وصنف فى الهواء، وروى عكرمة عن ابن عبّاس أنّه قال: هم أربعون خيلا كلّ خيل ستمائة ألف وهم مأمورون ومنهيّون.