للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموت فلمّا جنّه الليل إذا بهاتف يقول (من الرجز):

يا صاحب البكر المضلّ مذهبه ... ما عنده من ذى رشاد يصحبه

دونك هذا البكر منّا فاركبه ... حتى إذا الليل تولّى غيهبه

(٢٢٧) وأقبل الصبح ولاح كوكبه ... فحطّ عنه رحله وسيبه

فالتفت عبيد فإذا هو ببكر كأحسن ما يكون فركبه وسار ليلته فأصبح بمنزله وكان بينه وبين أهله إحدى وعشرين مرحلة، وسبق رفقته بهذه المدّة، فنزل عنه وأنشأ يقول (من البسيط):

يا أيها البكر قد أنجيت من كرب ... ومن فياف تضلّ المدلج الغادى

ارجع حميدا فقد بلغت مأمننا ... بوركت من ذى سنام رائح غادى

فأجابه البكر يقول (من البسيط):

أنا الشجاع الذى أبصرته رمضا ... فى مهمه <نازح> (١) عن أهله صادى

فجدت بالماء لما ضنّ صاحبه ... أرويت (٢) من ضماء ولم تهمم بأنكاد

الخير يبقى وإن طال الزمان به ... والشرّ أخبث ما أوعيت من زاد

ثم قال: إنّ الأسود الذى رأيته يطردنى فهو عبدى أراد قتلى فكفيتنى شرّا وأرويتنى من ضماء ولن يضيع الخير بين حرّين، وأستحلف الله عليك، ثم غاب فلم أره.

قلت: وقرأت هذه الحكاية بعينها فى تأريخ صاحب حماة الملك المنصور الآتى ذكره وذكر تأريخه فى موضعه، وأورد البيت الثانى من قول الشجاع مكان: أرويت من ضماء: (٣) رويت منه، والرواية الأوّلة أصحّ.


(١) نازح: أخبار الزمان
(٢) أرويت من ضماء: رويت منه أخبار الزمان ||ضماء: ظماء
(٣) ضماء: ظماء