وأيم الله لقد كان الأعلى لجدك، والأرفع لقدرك، والأفضل لمجدك، والأوسع لرفدك، والأبصر لغورك، والأحسن لعذرك، الكشف عن أحوال سلفك وإن خفيت عليك، والقفو لآثارهم وإن عميت لديك، لتجرى على سنتهم (ص ١٠٢) وتدخل فى مهنتهم، وتسلك فى مذهبهم، أخذا بأمورهم فى وقتهم، وفى زيّهم فى عصرهم، فتكون خلفا قفا سلفا بجد، وعزم مؤتلف، وعزم غير مختلف. لكن غلب الران على قلبك، والصدى على لبّك، فأزالك عن الهدى، وأزاغك عن البصيرة، والضياء، وأمالك عن مناهج الأولياء، وكنت من بعدهم كما قال الله عز وجلّ ({فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاِتَّبَعُوا الشَّهَااتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا})
ثم ذكر كلاما كثيرا جدا لا حاجة لنا بإثبات جملته، وقرّعه فيه بقتل جعفر بن فلاح، ومحاصرة ابن حيّان بيافا، ومأتاه إلى الفسطاط.
ثم قال بعد ذلك: وإن كنت على ثقة من أمرك، ومهل فى أمن عصرك، وعمرك، فاستقرّ بمركزك، فليأتينّك منّا وينالك من جندنا، ما نال من كان قبلك ممن تمرّد تمرّدك، كعاد وثمود ({وَأَصْحابُ})