حروب وقتال شديد بين المغاربة وأهل دمشق وعاد الحاكم فى دمشق الشاطر ابن الماورد. وجرت أحوال يطول الكلام فيها.
وكان لمّا جرت الفتن أيضا ببغداد بين بنى بويه وبين سبكتكين الحاجب، وكانت الأتراك تتعصّب مع سبكتكين يجمعهم على ذلك الجنسية، وغلب على بغداد وأخرج بختيار منها قهرا، وانتصر بختيار بابن عمّه عضد الدولة، وحضر إليه فى الديالمة، وخرج المطيع لله مع سبكتكين، وكان قد ولاّه تدبير الملك ولقّبه نصير الدولة وطوّقه وسوّره، ثم قهر سبكتكين وقتل، وخلع المطيع، وتولّ الطائع حسبما تقدم.
وكان سبكتكين قد أقام خليفته على الأتراك هفتكين الشرابىّ وكان فيه شجاعة وشدّة وبأس (ص ١١٠). فلما انتصرت الديلم على الأتراك تشتت شملهم، فأخذ قوم منهم نحو أبى تغلب بن حمدان إلى الموصل فاستأمنوا إليه، وقوم منهم استأمنوا إلى عضد الدولة فناخسرو. وبقى هفتكين فى نحو من أربع مئة فارس من الأتراك، وهم شجعانهم. فأخذ على الفرات حتى نزل الرحبة، ثم انتقل فى البرّ حتى نزل على جوسية. وكان يسايره فى البرّ خلق كثير من العرب طمعا فى أخذه، فكان فيه من الضبط واليقظة والشجاعة والهيبة ما لم يجسر عليه أحد.