وكان ظالم أيضا لمّا رأى تغلّب المغاربة على دمشق قد انزوى فى بعلبكّ، فى حديث طويل. فبلغه خبر الهفتكين التركىّ. فطمع فى أخذه. فجمع إليه من انضوى من العرب. وأنفذ إلى أبى محمود بدمشق يقول له: إنّ تركيّا قد جاء من بغداد وهو يريد عملك.
فأنفذ إلىّ عسكرا حتى آخذه به من قبل أن يدخل عملك. فأنفذ إليه أبو محمود عسكرا. فاجتمع له نحو من ألفين فارس. فسار بعضهم إليه بخبر الأتراك ونزولهم جوسية، وسار ظالم إلى قرب منه.
ولبس هفتكين وأصحابه الحديد وتطرّحوا على خيلهم التجافيف. فلمّا وقعت عينهم عليهم أرموا عليهم النشّاب. وكان قد وصل إلى هفتكين التركىّ من جهة أبى تغلب بن حمدان بشارة الخادم فى ثلاث مئة رجل، بكلام لطيف من جهة ابن حمدان. فوصل إليه وقد صفّ خيله لظالم العقيلى. فلما رآه فى زىّ حسن ظنّ أنّه ابن حمدان نفسه. فتلقّاه.
فكان بينهما (ص ١١١) كلام حسن. وأوعده عن الأمير أبى تغلب بكلّ جميل. وأنفذ بشارة من وقته رسولا إلى ظالم يقول له: لا تفسد فى عملنا ولا تدخله. فقال: ما جئت لأفسد فى عملكم، وإنما جيت من أجل هذا التركىّ لأصدّه. فردّ عليه: هذا رجل فى عملنا، وإلينا قصد، ونحن ما نتخلّى عنه. ونظر ظالم إلى جماعة هفتكين وما هم عليه