للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولهم إنّ الأمم المخلوقة ثمانية وعشرون أمّة بإزاء الثمانية وعشرون منزلة، فكان هذا القول يحتاج إلى ما ذكروه من اختلاف خلق هذه الأمم، وهذا عندى وعند كلّ ذى ذوق فاسد، وذلك أن قالوا إنّ هذه الأمم فى حكم البرّ لا البحر، والناس من عالم بنى آدم ما خلى منهم مكان من المعمور فى الأرض فلم يشهدوا ولا أمّة واحدة من هذه الأمم المذكورة فى جميع مسكون الأرض، ولا ورد عن أحد من العلماء ولا ممّن يثق به أنّه رأى شئ منها، هذا فى العامر من الأرض، وأمّا الخراب منها فأجمع الناس أنّه لا يمكن أن يكون فى الخراب من الأرض حيوان لما ذكرنا من قبل، فأين تكون هذه الأمم؟

(٢٣١) وقال المسعودى أيضا: وإنّ هذه الأمم أعنى الثمانية وعشرين أمّة جميعها ركّب فيها حبّ الشهوة، وإنّهم تناكحوا فيما بينهم بعضهم ببعض فصارو مائة وعشرون أمّة مختلفين الخلقة، -بالله العجب من رجل عالم مصنّف مطّلع يذكر مثل هذا القول ويحرّر العدّة مائة وعشرين لا تزيد ولا تنقص، من أين لنا هذا؟ فلو قال-عفى الله عنه: وإنّهم تناكحوا فصاروا عدّة كثيرة ولا حرّر عددها لكان أقرب.

ومن رواية المسعودى رحمه الله أنّه قال: (١) ومن عجائب خلق الله تعالى خلق النسانس، وقد ذكر قوم أنّهم خلقوا كمثل نصف الإنسان يعدو عدوا أشدّ من الريح، وربّما كان ببلاد العجم ويصاد ويؤكل ومنه برّى ومنه بحرى.

قال: وذكر قوم أنّ سيّارة وقعوا بنسانس كثيرة فى مكان هو موطنهم فصادو منهم واحد وذبحوه وأكلوا وكان سمينا، فقال أحد القوم: ما أسمنه! فناداهم آخر من النسانس وهو مختف فى شجرة كثيفة: لا يا كاذبين! فقال إنّه كان


(١) أخبار الزمان ١٦.٥: وقارن مروج الذهب ٢/ ٣٦٤ مادة ١٣٣٨