أبو تغلب قد طمع أن يولّيه العزيز دمشق. وكان قسّام قد خاف من ذلك. وكان لمّا نزل أبو تغلب من ظاهر دمشق قال ابن كلّس الوزير (ص ١٢٥) للعزيز: إنّ هذا الرجل إن تمكّن عظم شرّه.
والصواب أن نعمل فى هلاكه. فكانوا يكتبون إليه بكلّ ما يحب، ويكتبون إلى قسّام: لا تمكّن هذا من شئ فيطمع فى البلد. فضربوا بينهما. وأقام أبو تغلب بظاهر المزّة شهورا. فثقل على قسّام مقامه.
فلما كان فى بعض الأيّام وقف رجل أعجمىّ فى باب الجابية وكان متنبّذا وهو من أصحاب أبى تغلب، فحرّك سيفه وقال: أين هذا العيّار؟ فعظم على قسّام، وتخوّف أن تكون لأبى تغلب سلطنة عليه فيهلكه ومن معه. فانفسد الحال بينهما. وقال قسّام لأصحابه: إذا دخل أصحاب أبى تغلب فخذوهم. فأخذوا منهم تقدير سبعين رجلا، وقتلوا جماعة منهم، وخرج الذين أفلتوا إلى أبى تغلب وقد أخذت ثيابهم ودوابّهم. فلم يقدر على شئ يفعله. وكتب إلى مصر بذلك.
فأعجب ذلك الوزير ابن كلّس وحسّنه للعزيز.
ولمّا جرى على أصحاب أبى تغلب ما جرى طلبوا قوما من أصحاب قسّام فى الغوطة كانوا يأخذون الخفارات. فهربوا وقوى خوفهم.
وكتب قسّام إلى مصر يذكر أنّ أبا تغلب قد حاصر البلد، وقد مدّ يده فى الأعمال ونحن فى الحرب معه. فخرج من مصر غلام للوزير