لى على مال تعطينى إيّاه. وعاد يكلّمه وهو يقرب منه، وهو يظنّ أنه لا يقدر عليه. فلم يشعر به حتى طعن عرقوب فرسه. فوقف به الفرس، وأخذه أسيرا وأتى به إلى ابن الجرّاح. فأركبه جملا وأشهره بالرملة. ثم حبس فى مكان، فطلب شئ يتوسّد عليه فأتوه بشوك وقالوا له: يقول لك الأمير توسّد هذا. فأغلظ لهم فى القول وشتم ابن الجرّاح. فبلغه، فقتله صبرا وأحرقه بالنار.
وذلك لليلتين خلتا من صفر من هذه السنة.
وفيها كانت الفتنة بين عضد الدولة فناخسرو وابن أخيه. ونفد إليه الجيوش. وذلك الذى أشغله عن الشام ومصر وأخبارهما.
فلمّا أمن العزيز العساكر من جهة عضد الدولة نفد إلى دمشق سلمان بن جعفر بن فلاح فى أربعة آلاف من المغاربة، ووصل إلى دمشق فوجد قسّاما غالبا عليها. فنزل بستان الوزير فى زقاق الرمّان، وعسكره حوله. فثقل أمره على قسّام ورأى أميران تحكم فى البلد. وقد كان قسّام طمّع آماله وصنع أعلاما وطوارقا عليها صفة قحف. قيل إنه كان ترّابا زبّالا فجعل ذلك القحف رنكه.
وكان قسّام هذا أصله من قرية من جبل سنير يقال لها تلفيثا.
وكان من قوم يقال لهم الحارثيّون من بطن من العرب. فنشأ (ص ١٢٨)