وفيها كان الغلاء والوباء بمصر. وفنى عالم عظيم لا يعلم عدّتهم إلاّ الله عزّ وجلّ. والعساكر مهتّمين للخروج وهم وجلين من ابن الجرّاح.
ثم إنّ ابن كلّس الوزير انتدب صبيا من الأتراك يقال له بلتكين التركى كان قد أهداه له هفتكين المقدّم ذكره. فولاّه أمر الجيش، وعزل المصطنع. فسار الجيش من مصر يجمع أجناس متفرّقة من عرب وعجم وترك وديلم ومغاربة ومصريّين وغير ذلك. فنزل الرملة، وهم تحت خوف ووجل. وتباعد ابن الجرّاح. وكان قد قوى جدا، ومعه أيضا عجم وجند يرمون بالنشّاب. وقد اجتمع إليه عرب كثير.
وسار بشارة من طبرية. فاجتمعت العرب من قيس مع المغاربة. ثم انتشب الحرب بين الفريقين (ص ١٣٣) فجرى بينهم قتال يشيّب الأطفال.
ثم إنّ بلتكين التركىّ، وهو مقدّم الجيش، انتدب معه جماعة من الترك وخرج على أصحاب ابن الجرّاح من خلفهم لمّا اشتد القتال.
فانهزموا، وأخذهم السيف، ونهب عسكرهم. وانهزم ابن الجرّاح نحو الشمال حتى أخذ إلى أرض حمص فى البرّية. وأخذ فى جبل ابن مسعود حتى نزل على أنطاكية فاستجار بصاحبها فأمّنه.