عليهم. وتقدّمت كلّ طائفة إلى الأخرى، فحملوا بجمعهم على الكلبيين والعدويّين فلم يثبتوا لهم. فهزموهم حتى لحقوهم بحيطان داريا. فرجعوا فى أسوإ حال إلى بكجور. فاشتدّ عند ذلك خوفه، وراسل القوم:
إنى أسلم إليكم البلد وأرحل عنها. واتفق الحال بينهم على ذلك.
فخرج ليلة الثلاثاء النصف من رجب من هذه السنة وسار بماله ورجاله إلى الرقّة، ورجع عنه عليّان العدوى وابن الجرّاح فدخلوا البرية.
وكان منير وبشارة وابن الفرّار قد نفذوا إلى نزّال والى طرابلس بأن يأتيهم ليكونوا يدا واحدة على بكجور، فلم يأتيهم إلى يوم الخميس بعد خروج بكجور. وكان هذا سبب موافقتهم لبكجور على الخروج.
فلما بلغ الوزير ابن كلّس ذلك (ص ١٤٢) وأن بكجور خرج سالما وصار بالرقة خشى عاقبته. ثم بلغه أنه قد ولى حمص من قبل أبى المعالى صاحب حلب فقال: يجاورنا بكجور وقد جاهرناه بالعداوة؟ وكان بكجور قد عاد إلى حمص بولاية أبى المعالى له. فكاتبه ابن كلّس بمكره وخديعته: إنّا لم نريد انتزاحك عن دمشق، وإنما كان المقصود ابن الجرّاح فتستمر على ضياعك وما كان مقررا لك بدمشق على عادتك، فإنّ أمير المؤمنين لم يأمر فيك بعزل.
فقبض بكجور تلك السّنة مغلاّته وخراجه مع جميع ما كان له بأعمال دمشق من غير معارض له فى ذلك.