ونهار لا يصحون صيفا ولا شتاء حتى إنّ أهلها لا يقدرون على دراس زروعهم جملة كافية وإنما يجمعونها ويحزمونها بسنبلها فى بيوتهم فإذا احتاجوا لشئ منه فركوا منه كفايتهم، وهم على هذه الحالة فى جميع الزمان ليس يوجد عندهم قمحا ولا شعيرا ولا أرزّا إلاّ فى سنبله.
قال: وفى أرض عاد منارة نحاس عليها راكب من نحاس فإذا كان أوّل الأشهر الحرم يهطل منها الماء فيشرب منها الناس ويسقون بهائمهم ويملأون منه جميع أجبابهم وحياضهم وصرفوه فى جميع مصالحهم واختزنوا منه كفايتهم، فإذا انقضت الأشهر الحرم انقطع سيلان ذلك الماء من تلك المنارة ولم يبق له أثر، قال: ذكر ذلك أبو الحسن الحبهانى، والله أعلم.
(٢٣٥) قال: وذكر أبو الحسن الحبهانى أيضا أنّه رأى بين بلحسان وبين ركن مندك فى جبل كبير عالى فرسا واقفا فى أوعر موضع يكون فى الجبل وصورته صورة فرس كليلة أشهب اللون مليح الكفل والأذنين حسن التناسب لم يوجد مثله فى الخيل لحسن صفته وهو فى موضع لا يقدر أحد أن يصل إليه قائم على صفاة هنالك، وذكروا رفقته الذين كانوا معه أنّهم لم يزالوا يرونه هنالك واقف فى نفس تلك الصخرة وأنّه لم يقدر أحدا أن يصل إليه بحيلة ولا بوجه من الوجوه.
وقال أحمد بن عمر: وفى جزيرة فى المشرق يقال لها واق الواق أهلها مثل أهل الصين إلاّ أنّهم أعظم أجساما وأجمل ولسانهم غير لسان الصينّيين، وطعامهم الحنطة وشرابهم ممّا يتّخذونه من الحنطة، وذهبهم كثير حتى إنّ سلاسل كلابهم ذهب وكذلك أطواقهم ويأتون للتجّار بقمص منسوجة بالذهب للبيع ممّا يدلّ على كثرة الذهب عندهم.
وذكر أنّ بهذه الديار مراسى ولكلّ مرساة منهم نهر عظيم تدخل فيه السفن،