للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنّه دخل قوم فى نهر من أنهار تلك المراسى وأخطئوا الطريق، فدخلوا فى بعض خلجان ذلك النهر فوقعوا فى جزيرة فرأوا أمّة من أمم الصين فصار الأبدان على مقدار أربعة أشبار، ولهم ملكا منهم يملكهم ويرجعون إليه، ولهم قرى حسنة بتلك الجزيرة كثيرة الخير والرزق والطير والبطّ والدرّاج، وأنّ أهل مملكته لمّا رأوهم استنكروهم لعظم أبدانهم فنادوا بلغتهم أنّ الشياطين قد أقبلوا فسمّوهم الشياطين.

وسئلوا هؤلاء المسافرين عمّا رأوا من العجائب فذكروا أنّ البحّارين يشدّون نشّابة لها فصل على أعلا الصارى ويصيرون ريشها عاليا ونصلها (٢٣٦) سافلا فإذا أصابتهم شدّة من عواصف الرياح وطغى عليهم البحر وترادفت أمواجه وكثر الرعد والبرق ويأسوا من كلّ شئ فيروا شيئا فى البحر كالكوكب الضخم على طرف النشّابة فيكون ذلك علامة السلامة وأمانا لهم من الغرق، وربّما رأوا ذلك فى الليل ثلاث مرّات وأكثر من ذلك، ولا يكون ذلك فى ليالى الصحو، وعامّة ما يرى ذلك فيما بين سرنديب إلى أن يجاوز ميكالوس.

وقال أحمد بن عمر: وكذلك إذا كان وقت هيجان الربح واضطراب الأمواج فى البحر الشامى وجزع أهل السفينة نزل نور على رأس الصارى وربّما تنقّل ذلك النور إلى موضع آخر من السفينة فإذا رأوه البحريّون استبشروا بالسلامة وقالوا:

نزل علينا مصباح السلامة.

قال: وذكر أنّ سمكة يقال لها وال طولها مقدار مائة وأربعين ذراعا فإذا شربت الماء العذب ماتت، يكون رأسها قدر باعين وإذا كانت ملقاة بين رجلين قائمين لم يرى أحدهما الآخر ويكون طول جناحيها خمسة أبواع، وربّما كان جناحها الواحد إذا رفعته فوق الماء كالقلع الكبير، ولا تؤذّى هذه السمكة إلاّ