فى فتية صدأ الحديد عليهم ... وخلوقهم خلق النجيع الأحمر
لا يأكل السّرحان شلو صريعهم ... ممّا عليه من القنا المتكسّر
فبلغ المعزّ عنه وهو يوم ذاك بالقيروان، فأمر بوصوله إليه. فوصّل، وامتدحه بمدائح جليلة غاص فيها كلّ الغوص وأبدع فيها أحسن إبداع. وقد تقدم من ذلك ما يؤيد القول فيه. ومن ذلك أيضا:
وطفقت أسأل عن أغرّ محجّل ... فإذا الأنام جبلّة دهماء
حتى دفعت إلى المعزّ خليفة ... فعلمت أنّ المطلب الخلفاء
هو علّة الدنيا ومن خلقت له ... ولعلة ما كانت الأشياء
فاستيقظوا من غفلة وتنبهوا ... ما بالصباح عن العيون خفاء
ليست سماء الله ما ترونّها ... لكنّ أرضا تحتويه سماء
الشمس ترجع عن سناه جفونها ... فكأنّها مطروفة مرهاء
هذا الشفيع لأمة تأتى غدا ... وجدوده لجدودها شفعاء
للناس إجماع على تفضيله ... حتى استوى اللؤماء والكرماء
ضرّاب هام الروم منتقما وفى ... أعناقهم من جوده أعباء
لولا انبعاث السيف وهو مسلّط ... فى قتلهم قتلتهم النعماء
جهل البطارق أنّه الملك الذى ... أوصى البنين بسلمه الآباء