وفيها اشتدّ الغلاء بمصر وكثر الوباء، وكان يموت فى كلّ يوم مما يحصيه ديوان المواريث نحو العشرة آلاف خارجا عمن لا يعرف من صعاليك الناس. وبلغ القمح بثمان الدنانير عين مصرية الأردبّ المصرى، وبلغ الشعير والفول خمسة دنانير والحمص تسع الدنانير.
وروى أنّ بمصر درب فيه عدة دور مساكن يعرف بدرب طبق. وإنما يعرف بذلك لأنّه أبيع فى هذه السنة بطبق من خبز، والدور التى فيه تساوى ألوف عدة، وبمصر أيضا دارا تسمّى دار رغيف، أبيعت أيضا فى غلاء المستنصر، وهو فى هذه السنة المذكورة، برغيف خبز، وأكل الناس فى هذه الأيّام جلود الكتب، وعاد الكلاب يدخلون (كذا) بيوت الناس فيأكلون (كذا) الولد قدّام أبوه وأمه، وليس فيهم من المنعة أن يمنعوه (كذا) عن ذلك.
وعاد الحمام والعصفور واليمام وما شاكل ذلك يتساقط ميتا من الجوع، ولا يجد ما يأكله. وإنّ المستنصر انحلّ أمره وضعف سلطانه وتقهقرت دولته، حتى إنه ترك القصر وخرج إلى الجامع