قلت: وهذا فخر الملك جرت له حكاية مستطرفة أيام وزارته لبهاء الدولة المذكور، وذلك أنه كان فاضلا أديبا يحب المديح ويجيز عليه. فقدم عليه أعرابى من البادية وامتدحه بأبيات، فلم يلتفت إليه فخر الملك ولا عبأ به، ولا أجازه بشئ.
وكان فى عصره ابن نباته السعدى الشاعر المشهور وهو غير ابن نباتة صاحب الخطب البليغة.
قال راوى هذه الحكاية: وكان ابن نباتة الشاعر المذكور ذو نباهة ورياسة، وهو أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن محمد بن أحمد ابن نباتة بضم النون التميمى السعدى. فلم يشعر وهو جالس على باب داره بين حفدته وجلسائه إلاّ وذلك الأعرابى وبصحبته رسول من جهة قاضى الحكم يطلب ابن نباتة إلى مجلس الحكم، أو يخرج من حق ذلك الأعرابى. فلما رآه ابن نباته لم يعرفه، وتعجّب من ذلك، فإنّه لم يكن قطّ رآه قبل تلك الساعة. فقال له: يا أخا العرب! مالى ولك؟ هل تعرفنى قط قبل اليوم؟ هل علىّ من طلب أو دين؟
فقال الأعرابىّ: أطالبك أصلحك الله بضمان لم تف به. فقال: