أنخ بفنائه واحلل عليه ... على حكم المنى وأنا الضمين
فقال ابن نباته: بلى والله، أنا القائل ذلك.
فقال الأعرابى: فإننى قطعت إليه من بادية أرض كذا، وسرت كذا ليلة، وامتدحته بكيت وكيت فلم يلتفت إلىّ، ولا أجازنى بشئ.
وأنت الضامن وعليك الغرامة.
قال: فأعجب ابن نباتة من الأعرابىّ ذلك. وقال: ارفع الرسول ولك الرضا. وركب لوقته بصحبة الأعرابى، وأتى إلى فخر الملك وقصّ عليه خبر الأعرابى فاستملحه ووصله فوق أمله.
قلت: نسخت هذه الحكاية من مجموع. وابن نباتة هذا كان معاصر سيف الدولة ابن حمدان. وهو من الشعراء المعدودين فى الطراز المذهب من شعراء المئة الرابعة. وله فى سيف الدولة ابن حمدان نخب القصائد. فمن ذلك وقد أنعم عليه بفرس أدهم أغرّ محجّل فقال:
يا أيّها الملك الذى أخلاقه ... من خلقه ورواؤه من رأيه
قد جاءنا الطرف الذى أهديته ... هاديه يعقد أرضه بسمائه
ومنها ولعله معنى مبتكر:
فكأنّما لطم الصباح جبينه ... فاقتصّ منه فخاض فى أحشائه
متمهّلا والبرق من أسمائه ... متبرقعا والحسن من أكفائه
لا تعلق الألحاظ فى أعطافه ... إلاّ إذا كفكفت من غلوائه
ما كانت النيران تمكن حرّها ... لو كانت النيران بعض ذكائه