وكان يومئذ مدبّر الممالك الخليفية الوزير نظام الملك نصر بن مروان، فخرج إليه وهو خائف يترقّب. فلما حضر بين يديه قرّر عليه مئة ألف دينار يحملها وخلع عليه.
ثم إنّ نظام الملك أخرج للسلطان من الإقامات والتقادم والعلوفات شئ كثير. وكان ذلك على ميّافارقين. فبلغ السلطان أنّ جميع ذلك إنما أخذه الوزير نظام الملك من أموال الرعّية. فردّ الجميع عليه، وقال: ما لنا فى أموال الرعيّة من حاجة. وأمره بردّه على أصحابه، فأعاده، حتى قيل إنه ردّ على فلاح بيضة كانت أخذت منه.
ثم حمل نظام الملك الإقامات للسلطان من ماله وصلب حاله.
ثم إنّ السلطان ألب أرسلان فتح السويدا وحصون كثيرة إلى حرّان، ثم نزل على الرّها، ونصب المناجيق، وردم خندقها.
فبذلوا له خمسين ألف دينار على أن يعفيهم، فكفّ عنهم، ثم غدروا ولم يوفوا. ورحل السلطان طالبا للفرات، وتقاعدت عنه العساكر الذين كانوا من العراقين، وهو عسكر عمّه طغريل بك المقدّم ذكره، وخبثت نفوسهم لأجل تأخير أرزاقهم، ونزل على الفرات فى شرذمة يسيرة الخصّيصين به من عسكره. فلم يحفل به محمود صاحب حلب، ولا نزل إليه. فأضربت العساكر فى بلاد حلب تنهب، ووصلوا إلى القريتين من عمل دمشق أيضا. ثم نزل على حلب وحاصرها، فأرسل