إليه محمود يطلب الموادعة، ووعده أن يدوس البساط. ثم إنّه خرج إليه فى الليل ووالدته معه ومسكته بيده وقدّمته للسلطان ألب أرسلان الملك العادل. وقالت: يا خوند هذا ولدى ومهجة فؤادى قد سلمته إليك افعل فيه (ص ٢٢٧) ما أحببت من جميل إحسانك. فرقّ لها وأكرمها وطيّب قلب ولدها. وقال: خد والدتك وعود إلى مكانك، وأخرج من الغد لترى ما أفعله معك. فعاد من الغد. فأمر الوزير نظام الملك والحجّاب أن يتلقوه، ودخل على السلطان فأكرمه وأجلسه وأخلع عليه بما يليق بمثله، وأنعم عليه بالخيول بالمراكب الذهب، وركّبه بالكوسات والصناجق.
ثم وردت الأخبار على السلطان ألب أرسلان أنّ ملك الروم خرج فى جموع عظيمة، وورد إلى منبج وأرجيش ومناز كرد. فرجع السلطان. وعدّا الفرات. وبلغ ملك الروم أنّ السلطان فى عسكر خفيف. فطمع فى لقائه. ووصل الخبر إلى السلطان بما عزم عليه ملك الروم وطمعه فيه لقلّة جيوشه. وكان قد بقى فى أربعة آلاف فارس.
فقال لوجوه عسكره: أنا صابر فى هذه الغزاة صبر المحتسبين، وصابر إلى مصير المخاطرين. فإن سلمت فذلك ظنّى بالله تعالى، وإن تكن الأخرى فأنا أعهد إليكم أن تسمعوا وتطيعوا لولدى ملك شاه، وتقيموه مقامى. فقالوا: سمعنا وأطعنا. وقصد الروم جريدة، مع كلّ غلام فرس يركبه وآخر يجنبه. وسار بنيّة خالصة لا يخالطها كدر لغزاة المشركين وقدّم قدّامه أحد حجّابه فى جماعة من الجند. فصادف عند