قال القاضى ابن الأثير صاحب التاريخ: إن فى هذه السنة كانت غرقة بغداد. وذلك أنه جاءت أمطار وسيول، وجاء بأرض الموصل والجبال أمطار عظيمة، وزادت دجلة (ص ٢٣٣) زيادة لم يعهد بمثلها، وعاد يأتى على وجه الماء من الأفاعى من الحيّات والحشرات شئ كثير، حتى نظروا الناس على تلّ فى وسط الماء سبع ويحمور واقفين مذهولين عن بعضهما بعضا. ودخل الماء دار الخلافة من باب النوبى وباب العامة، ودخل الجامع وخرج الماء على الخليفة من تحت سريره، فنهض إلى الباب فلم يجد طريقا، فحمله خادم على ظهره إلى التاج، ولبس الخليفة البردة وأخذ القضيب بيده ووقف بين يدى الله تعالى يتضرّع، ولم يطعم فى يومه وليلته، وغرقت مقبرة أبرز وخرجت الموتى فى توابيتهم على الماء، وتهدّم الحريم وباب الأزج، وخرج رجل وعلى كتفه ولد له، فاجتهد أن يتخلّص فلم يقدر فرمى بولده وخلص بنفسه.