ما قيل وما قد ثبت فى ذهن الناس من أمرنا، وأننا نحن من أهل البيت. والرأى أن نحتال على قتلة هذا الخليفة، فإنّه صبىّ العقل والرأى والتدبير، ونملك نحن الخلافة. وإنما الأشياء همم. فأجابه نصر إلى ذلك. واتفقا عليه. فاهتمّ فى عمل دعوة سنيّة، ثم إنّه استأذن الظافر وسأله الحضور إلى منزله سرّا، ولا يعلم به أحد.
فأجابه لغلبة الهوى وحلول الأجل. فلما حضر الظافر متنكّرا تحت أذيال الدجى، خرج عليه عباس وبيده سيف مشهر وقال له: ويلك! خليفة تقبل من أمر الصبيان! ثم قبض عليه وذبحه ودفنه فى البادنهج بدار المأمونى بالسيوفيّين. ثم ركب عباس من فوره إلى القصر مسرعا وقال: استأذنوا لى على مولانا الظافر فى أمر مهمّ. فالتمس الأستاذون والحجّاب الظافر فلم يجدوه. فقال العبّاس: علىّ بأولاد الحافظ، وهما أبو الأمانة جبريل وأبو الحجاج يوسف. فلما حضرا قال: أنتما قتلتما مولانا. ثم أمر بهما فقتلا بالسيف. وقتل جماعة كبيرة منهم أبو التقى صالح بن حسن، وزمام القصر، مع جماعة يخشى شرهم.
من أعيان الدولة ورؤساء المملكة، ثم أحضروا قاضى القضاة وهو يومئذ يونس الأطفيحى والقاضى مجلّى صاحب كتاب «الذخائر»، وبايع للفائز كما يأتى ذكره بعد ذلك.