ووجد فيه ما يكون على يده، وقصة عبد المؤمن وحليته واسمه. وأن ابن تومرت أقام مدة يتطلبه، حتى وجده وصحبه، وهو إذ ذاك غلام. وكان يكرمه ويقدمه على أصحابه، وأفضى إليه بسرّه، وانتهى به إلى مراكش-وصاحبها يومئذ أبو الحسن على بن يوسف بن تاشفين ملك الملثمين-وجرى له معه فصول يطول شرحها. وأخرجه منها، وتوجه إلى الجبال، وحشدوا واستمال المصامدة فى حديث طويل، آخره أنه لم يملك شيئا من البلاد فى حياة ابن تومرت، بل عبد المؤمن ملك بعده بالجيوش التى جهزها ابن تومرت، والترتيب الذى رتبه له. وكان ابن تومرت أبدا يتفرس فيه النجابة، وينشد إذا أبصره دائبا:
تكاملت فيك أوصاف خصصت بها ... فكلنا بك مسرور ومغتبط
فالسنّ ضاحكة، والكف ما نحة ... والنفس سامحة، والوجه منبسط
وكان يقول:«صاحبكم هذا غلاب الدول». ولم يصح عنه أنه استخلفه، بل راعى أصحابه فى تقديمه إشارته لهم فيه، فتم له الأمر وكمل.
وأول ما أخذ من البلاد وهران وتلمسان ثم فاس ثم سبته. وانتقل بعد ذلك إلى مراكش وحاصرها أحد عشر شهرا، ثم ملكها. وكان أخذه لها فى أوائل سنة اثنين وأربعين وخمسمائة. واستوثق له الأمر، وامتد ملكه إلى المغرب الأقصى والأدنى، وبلاد إفريقية، وكثير من جزيرة الأندلس. وتسمى أمير المؤمنين، وقصدته الشعراء وامتدحوه بأحسن المدائح. ذكر العماد الأصفهانى فى الخريدة، أن الفقيه أبا عبد الله محمد بن أبى العباس التيفاشى لما أنشده يقول:
ما هزّ عطفيه بين البيض والأسل ... مثل الخليفة عبد المؤمن بن على