للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنفذ شاور إلى ملك الروم بالشام مستنصرا به على أسد الدين، وطمّعه فى أخذه، فجاءه الملك مرى -لعنه الله-فى عالم عظيم. ولما تحقق أسد الدين ذلك من غدر شاور، انتقل إلى بلبيس وتحصن بها.

واجتمع شاور وملك الروم على قتال أسد الدين، وكانت بينها وقائع عظيمة.

وبنى الفرنج خذلهم الله برجا عظيما. وعاد أسد الدين فى قبضتهم لولا لطف [الله] تعالى وحسن سياسة أسد الدين، فإنه كتب إلى مرى ملك الروم يقول له: «ليس لك فينا غرض، ولا معنا مال يقنعك، فإن شاور غدر بنا، ولم يوفنا ما شرطه لنا من المال.

ونحن قوم غرباء من هذه الديار، أتينا لنصرة هذا الغادر، والبغى له مصرع. وأنت تعلم أن وراءنا مثل الملك العادل نور الدين. وكأنك به وقد أطل عليك بجيوش تعرفها ولا تنكرها. وأنت قصدك مال، ومصر قدامك، وهى أحب إليك من مطاولتنا بغير فائدة لك. وليس بمصر مانع يمنعك عنها. فإن تركت البغى، وقنعت بما فى أيدينا من فضلات نفقاتنا نفذناها إليك، وتدعنا نرجع إلى بلادنا. وإن أبيت فنحن والله ما يقتل الواحد منا حتى يقتل عدة منكم. وبعد ذلك، المدد واصل إلينا، والسلام».

قال ابن واصل رحمه الله: بينما الفرنج يجدون فى حصار أسد الدين ببلبيس، إذ ورد عليهم الخبر بكسرة الفرنج من نور الدين على حارم، فخافوا على بلادهم، فهذا كان سبب صلحهم مع أسد الدين. ولما خرج من بلبيس، جعلوا له فى الطريق من يعارضه ليأخذوه، فعرج عن الطريق إلى طريق المدرية، وفى ذلك يقول عمارة