وفيها كانت زلزلة عظيمة بحلب وبعلبك ونواحيهما، وهلك فيها عالم عظيم.
وانشق جبل لبنان المطل على بعلبك شقا لا يعرف له انتهاء. ودامت الزلازل شهرا، وربما كانت تزلزل فى اليوم والليلة عدة دفعات.
وقيل إن جميع ما ذكرناه فى هذه السنة من وفاة نور الدين، وتمليك ولده الملك الصالح إسماعيل، وخروج السلطان صلاح الدين، وأخذه الشام من الملك الصالح إسماعيل، كان فى سنة سبع وستين، وهو الصحيح. وذلك أن نور الدين لم يمت حتى توفى العاضد صاحب القصر، ووفاة العاضد كانت فى سنة سبع وستين يوم عاشوراء، متفق على صحته.
وفيها كانت فتنة السودان، وكانت فتنة عظيمة. وكان كبيرهم يسمى مؤتمن الدولة خصى. وكان متحكما فى القصر. ولما ثقلت وطأة صلاح الدين أجمع أهل القصر على مكاتبة الفرنج، فسيروا إليهم صحبة رجل جاء وجعلوه مخروزا فى نعله، فقبض عليه وأتى به إلى صلاح الدين، فعمل الحيلة حتى قتل ذلك الخصى فى قصر كان له. ثم ثاروا السودان وكان عدتهم نيف وخمسة آلاف نفر واصطلى بحربهم الأمير ابن أبى الهيجاء. وكانت الحرب بينهم فى بين القصرين يومين. وكانت لهم محلة عظيمة على باب زويلة تعرف بالمنصورية، فأرسل صلاح الدين إليها من أوقع فيها النار والحريق فى أموالهم وأولادهم. فلما بلغهم ذلك ولوا منهزمين، ثم أمّنوا بعد أن قتل منهم جماعة كثيرة.
وفيها توفى قطب الدين [مودود] بن [زنكى] صاحب الموصل إلى رحمة الله تعالى. أوصى بالملك بعده لولده عماد الدين زنكى، سماه على اسم جده، فلم يتم أمره، واستقام الأمر لسيف الدين غازى أخوه، بتدبير فخر الدين عبد المسيح، فإنه كان قام بأمر النيابة بعد [زين الدين] على كوجك، فاتفق مع الخاتون ابنة حسام الدين